تنمية بشرية

عشر خطوات لتربية طفلك بحرية
إن موضوع الحرية
من المواضيع الحساسة والمهمة جدا ، وخصوصا من قبل من يسعون بالنهوض
بالأمة من مستنقعها الآسن الذي تعيش فيه : مستنقع التخلف ، والجهل …ويتأكد
هذا الموضوع أكثر فأكثر على المهتمين بالتربية : سواء كانوا آباء أو معلمين
أو رجالات التربية وأرباب القلم فيهم .
إن تربية الأبناء على الحرية
ضرورة تربوية وشرعية : شرعية ؛ لأن الشريعة قائمة على مبدأ حرية الإنسان
من لحظة الولادة . والقاعدة الذهبية العمرية معروفة ” متى استعبدتم الناس
وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا “.
الحرية ضرورة تربوية ؛ لأن التربية هي التي تصنع البشر وتشكله ؛ ولهذا قال
أحد التربويين : أعطوني عشرة أبناء أشكلهم كيف أشاء : أخيارا أو أشرارا ،
مجدين أو هزليين. انطلاقا من هذه المقدمة أقدم إليكم معشر المربين
والعاشقين للحرية عشر خطوات لتربية الأبناء على الحرية وهي كالتالي :
1ـ تعليم الحرية معنى الحرية .
وهي ببساطة ، وبعيدا عن التعقيدات الفلسفية :
• ألا تكون تبعا لأحد في حياتك ، وفيما تتخذه من قرارات في مصيرك ومستقبلك .
• ألا تخضع لسلطة غير سلطة الله الواحد الأحد . وكلنا يعرف معنى كلمة الخضوع .
• أن تكون حرا في تفكيرك وفي طريقة عيشك ، وأعني بالحرية هنا : ألا يملي لك أحد كيف ينبغي أن تفكر ، ولا كيف ينبغي أن تعيشه .

2 ـ تعليم الأبناء أن الإنسان ولد حرا ، ويجب أن يبقى حرا حتى يلقى الله،
ومقولة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ السابقة خير دليل على ما نقول .
3ـ تعليم الأطفال ان الحرية في الإسلام قيمة نسبية وليست قيمة مطلقة كما هي عند الغرب ، وهذا يعني أنه ليس مطلق اليدين لفعل ما يشاء دون ضوابط ولا حدود .
4ـ تعليم الأطفال أن الحرية
محاطة بحدود الإسلام، والأصل في ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (
ألا إن حمى الله محارمه ) ويقتضي هذا ان نعلم الطفل الحلال والحرام ، فما
كان حلالا ، له حرية التصرف فيه في الكيفية التي يراها مادام أنه ملتزم
بالحدود الإسلامية ، وما كان حراما كان أبعد الناس عنه .

5ـ تدريب الأطفال على ممارسة الحرية
في البيت ، وذلك بإتاحته فرصة المشاركة في شؤون الأسرة ، فينبغي تعليم
الطفل إبداء رأيه بكل حرية ودون مؤاخذة ، بكل ما يراه في البيت من أخطاء ،
وذلك بالاعتراض عليها ، وتقديم البديل الصحيح كما يراه ، ويجب الأخذ به إن
كان الحق معه ، دون ان يأخذنا كبر الأبوة في رفضه ؛ لمجرد أنه طفل ، وأننا
آباؤه . كما ينبغي أن نربي الطفل على رفض ما لا يحبه ولا يؤيده من أفكار
وآراء ، وأن نعلمه أن يعبر عن رفضه أو قبوله في أدب واحترام للوالدين ، فلا
ينبغي له أن يكون فجا في رفضه ، وكل هذا من مسئولياتنا التربوية .

6ـ التدريب على الحرية في البيئة المدرسية : المدرسة هي الرافد الثاني بعد البيت المسئولة عن تربية الأولاد
، وغرس القيم الفاضلة والحسنة فيهم ، والبعض يجعلها في المرتبة الأولى
فيقدم دورها عن دور الوالدين ؛ نظرا لأمية الآباء في مجتمعاتنا ؛ لهذا على
المدرسة والقائمين عليها من معلمين ومسئوليها مهمة كبيرة في تربية الأنبا
على الحرية وإبداء آرائهم عبر الوسائل التالية :

أ ـ تنظيم لقاءات يتدرب الأطفال على الجرأة في الطرح والاعتراض والانتقاد بأدب .

ب ـ تدريب وتشجيع الأطفال على كتابة رسائل تتضمن اقتراحات أو اعتراضات أو
أخطاء تصدر من الطلبة أو من المعلمين والإدارة ، وتقديمها بغية إصلاح
الأخطاء ، وتنفيذ الاقتراحات .

ج ـ إتاحة مجال أو زاوية في مجلة المدرسة يعبر فيها الأطفال عن رأيهم بكل حرية فيما يخص شؤون الدراسة .
وعلى المعلمين والإدارة أن يكونوا جادين في تنفيذ هذه الملاحظات التي
يبديها التلاميذ ، وشكرهم عليها وتشجيعهم على الاستمرار فيها ، وإشعارهم أن
المدرسة تتقدم وتتطور انطلاقا من هذه الملاحظات والاقتراحات .

7 ـ علينا ان تعلم الأطفال ما هي حقوقهم التي كفلها لهم الإسلام ، والحقوق التي كفلها لهم دستور بلدهم الذي يعيشون في كنفه.
يجب أن نعلم الأطفال :
• ما هي حقوقهم على الآباء .
• ما هي حقوقهم على المعلمين .
• ما هي حقوقهم على إدارة المدرسة .
• ما هي حقوقهم على الدولة .

وفي المقابل يجب تعليمهم ما هي الواجبات التي عليهم تأديتها لهذه الجهات المذكورة .

8 ـ يجب تعليم وتدريب الأطفال على المطالبة بحقوقهم في حالة التفريط بها ،
أو في حالة وقوع اعتداءات عليهم . فلو حدث مثلا أن تعرض طفل لتهديد من قبل
من هو أكبر ،عليه أن يعرف من هي الجهة التي يلجا إليها لوضع حد لهذا
التهديد .وإذا كان الولد يتعرض للضرب المبرح في البيت وربما إيذائه بشكل
فظيع ، كما تفعل بعض الأمهات بكي ولدها بالنار ليتوقف عن ممارسات بعينها ،
في مثل هذه الحالة علينا أن نعلم الطفل من هي الجهة التي ترفع عنه هذا
الظلم الذي يقع عليه ظلما وعدوانا ؛ ليلجأ إليها .

9ـ علينا أن نكون قدوة للأطفال في التشبث بالحرية ، وعدم التنازل عنها ،
وهذا يعني ألا نقبل الدنية والخضوع للغير مهما كان هذا الغير ، فنزرع بهذا
السلوك الاعتزاز بالحرية . وقديما قال الشاعر العربي أبو العلا :

وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوَّده أبوه

10 ـ تعليم الأطفال معنى العزة والأنفة ، ورفض الرضوخ للظلم والظالمين .
وأن المؤمن يستمد عزته من الله {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} إذا من كان
يستمد عزته من الله كيف عليه أن يذل أو يستكين لفلان أو علان؟.