شئت أم أبيت فإن في داخلك مخزونا هائلا من الإمكانيات والطاقات، وهي لا تقل عن طاقات كل العظماء الذين سبقوك من رجال التاريخ.
ولأجل الاستفادة من هذه الطاقات فإنك بحاجة للقيام بخطوتين:
الأولى: إكتشاف أنواع الطاقات التي بداخلك.
الثانية: إستخراجها، وبلورتها، واستعمالها في خدمة الإنسانية.
فتماما كما هو الأمر بالنسبة إلى المعادن القابعة في أعماق الأرض، فإن الإنسان أيضا في جوهره معادن لا تقدر بثمن، وهي مخفية حتى عن نظر صاحبها، فهي بحاجة إلى من يكتشفها ويخلصها، ويفك إسارها من عالم الباطن لتنطلق نحو العالم الوسيع، وتنفع الحياة والأحياء.
ترى، كيف يمكن الإستفادة من هذه الجواهر الثمينة من دون معرفة وجودها، ومن دون إستخراجها؟
يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة".. فكما أن اكتشاف الذهب هو الخطوة الأولى في طريق استخراجه، فإن اكتشاف الذات هو الخطوة الأولى أيضا في طريق النجاح وتحقيق الآمال.
وقد تقول: كيف أتأكد من وجود الطاقات الهائلة في داخلي؟
والجواب: إن الله (سبحانه وتعالى) الذي خلقك، هو الذي جعل فيك هذا المخزون من القدرة لتسخير الكون، وجعل الشمس والقمر والأرض والنجوم في خدمتك.
الإنسان القدمي نظر إلى هذه المخلوقات العجيبة بانبهار، فشعر بالصغار أمامها وقام بعبادتها، ولكن بعد تقدم الإنسانية وتطورها ووصول الإنسان للقمر، شعر حينئذ بقدرته الهائلة على فهم واستيعاب هذا الغامض من الكون وتسخيره لخدمته الحياة والعلم.
الإنسان القديم شعر بالضآلة أمام الكون، لأنه لم يكن يعرف ما في داخله من القدرات والإمكانيات، ولم يكن يتصور يوما أن تطأ قدماه وجه القمر.
لقد كان إكتشاف الذات لدى بعض الناس السبب وراء كل هذا التطور الهائل الذي نراه، لأن هذا النوع من المعرفة يؤدي إلى معرفة أكبر بالمحيط والعالم الخارجي.
تعال الآن وحاول أن تتصرف وكأنك ذو قدرات هائلة، كما لو كان بمقدروك أن تصبح كاتبا ناجحا، أو شاعرا موهوبا، أو خطيبا مفوها، ثم حاول أن تكتب المقالات، وتنظم قصائد الشعر وتخطب؛ فهذه الأمور ليست بحاجة إلى شيء إضافي غيرما هو موجود في داخلك وما هو متوفر لك في الحياة.
قد تقول: إنني لم أنظم قصيدة حتى الآن، فكيف أصدق بأني أصبحت شاعرا؟
والجواب: إنك فعلا شاعر، ولكنك لم تنظم قصيدة، فشاعريتك محبوسة بين أضلاعك، وما عليك إلا أن تكسر الطوق الذي يقيدها لكي تنطلق وتصبح شاعرا، تماما كما إنك بطل رياضي؛ غير أن يكون عضلاتك لم تمارس دورها لتحقيق هذا الهدف.
فمن دون أن تفعل؛ لن تتفاعل، ولذلك فإنه من دون أن تنظم قصيدة لا تصبح شاعرا، فكل الذين نظموا قصائد شعرية أو قاموا بمشاريع ناجحة في أي مجال من مجالات الحياة.. لم تكن عندهم في يوم من الأيام تلك المواهب، فهل معنى ذلك إنهم لم يكونوا يمتلكون الطاقة اللازمة لذلك؟
إن الناس سواسية في الخلق، وما حدود الذكاء والغباء بينهم إلا حدود مصطنعة، فكم من أشخاص فشلوا في الدراسة ولكنهم نجحوا في أمور أكثر عسرا وصعوبة، فالناس متساوون في القدرات والطاقات..
والناجح فيهم هو من يكتشف مخزون الطاقة التي في ذاته وينميها ويستثمرها في الحياة.
لقد مر على الإنسان يوم لكن فيه شيئا مذكورا، فمنحه الله (عز وجل) الحياة وأعطاه القدرة على إدارتها، فالقرآن الكريم يقول: (هل أتى على الإنسن حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا).
فهل ذلك يعني إنه مازال ليس شيئا مذكورا؟
بالطبع: لا، وهكذا في كل ما يرتبط بك، فأنت لم تكن تملك المواهب لكنها موجودة فيك، ويمكن إستخراجها.
وعلى كل حال؛ صدق أو لا تصدق فإنك عظيم حقا!
أما الطريقة الناجحة في تنمية المواهب والطاقات فهي التفاعل مع البيئة المحيطة ، بأن يضع أحدنا نفسه في الإطار الذي يتأقلم معه ويستفيد من القابليات المتوفرة لديه، ثم يحاول ببذل جهودة أن يوسع تلك القابليات
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=285013988265177&set=a.173398052760105.27546.100002697358871&type=1