السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لاحظت في أختي بعد تخرجها من المرحلة الثانوية هذا العام وقد تخرجت بمعدل متوسط, لاحظت شيئا غريبا, فقد كانت تفتح غرف البيت, وتنظر إلى السقف والركن, وتقعد دقيقة أو دقيقتين ثم تخرج, وهكذا كل نصف ساعة تجول في البيت بهذه الأفعال.
قلت لعلها أزمة وتنتهي, ولاحظت عليها بالأمس أعمالا غريبة, وجدتها تبكي بشدة, وتحك يديها حتى جرحتهما, ذهبت لأختي وأخبرتها فقالت لأختي: أنت، وردت عليها أختي أنا أيش؟ قالت: أنت!!
وفجأة ترفع يدها إلى الخلف, وتجعلها هكذا, دقيقة أو دقيقتين, وتقول بعدها: ظلم, والله ظلم! وتعمل حركات بيدها غريبة, وغير مفهومة, مثل رفع اليد للخلف.
لا أعلم ما المشكلة, شككت بأن معها اكتئاب, لكن بعد هذه الأعمال الغريبة لا أعلم ماذا بها! علما أنها قالت قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع؛ وقبل الأفعال الغريبة أنها ملت من الروتين اليومي.
فما هي المشكلة؟ بصراحة خائف من أن تؤذي نفسها, فعمرها 19عاما, وقبل هذه الحالة كانت طبيعية, تغضب كثيرا لكن لم تكن بهذا الشكل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأشكرك على اهتمامك بأمر أختك، والتي أسأل الله لها العافية والشفاء والتوفيق.
هذه الابنة يظهر أنها تواجه ردة فعل سلبية نتيجة ما تحصلت عليه من نتائج متوسطة في امتحانها، وربما كانت توقعاتها أفضل من ذلك كثيرًا، ففي مثل هذه الحالات الإنسان يشعر بشيء من الخذلان، وكما تعرف البنات في مثل هذا العمر يكون لديهنَّ تفاعلات وجدانية كثيرة جدًّا.
ما بدر من هذه الابنة من تصرفات في بداية الأمر –حالة الذهول– هذا نسميه بالذهول الهيستيري، وهو نوع من الحالة العصابية الحادة، يتأرجح فيها ثبات العقل الباطني مع العقل الظاهري، وتنتج هذه الحالة العُصابية، وكما قلت أنت هي أزمة وقتية وتنتهي -إن شاء الله تعالى- .
بعد ذلك أصبحت تعبر عن أحزانها بصورة واضحة، وذلك من خلال البكاء وبعض الحركات التي هي في الواقع إرادية تصدر منها، لكن هذه الحركات لا تقصد بها لفت الانتباه، إنما تقصد بها التخفيف عن نفسها بصورة لا شعورية، وإن كانت الحركات هي في الأصل شعورية.
هنالك احتمالية أخرى ضعيفة جدًّا وهي: الأزمات النفسية قد ينتج عنها من التغير الذهاني، بمعنى أن الحالة تكون أشد من تفاعل هيستيري أو تفاعل ظرفي، وهذه أيضًا تختفي، لكن في بعض الأحيان قد تحتاج للعلاج.
إذن أقول لك إن الذي تعاني منه أختك هو رد فعلٍ طبيعي من جانب إنسان حساس, وكان لا يتوقع هذه النتيجة، وحدثت لها هذه الحالة العُصابية التي نعتبرها من الحالات التي تأتي تحت ما يسمى عدم القدرة على التكيف، أو التواؤم من حيث المعايير التشخيصية.
أعتقد أن مساندتها والوقوف بجانبها هو أفضل ما يمكن أن يُقدم لها في هذه المرحلة، وإن شاء الله تعالى أنتم كأسرة تسعوا نحو هذا الأمر، وفي هذه الأيام الطيبة أرجو أن تحفزوها وأن تكونوا دائمًا بجانبها، وأن تساندوها، وأن تجعلوها تبدأ صفحة جديدة مع نفسها، وما فاتها -إن شاء الله تعالى– يمكن أن تعوضه مستقبلاً.
هذا هو المبدأ الذي نتبعه في مثل هذه الحالات, لا أعتقد أنها تعاني من اكتئاب نفسي حقيقي، كل التفاعل هو تفاعل ظرفي, فإذن المساندة هي المطلوبة في هذه المرحلة.
أيضًا يمكن أن تدعوها تطبق تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هذه جيدة جدًّا، ولدينا في إسلام ويب استشارة –وغيرها كثير– تحت رقم (2136015)، يمكنك أن تساعدها لتطبيق هذه التمارين، فهي مفيدة جدًّا.
إذا لم تتحسن حالتها في ظرف يومين أو ثلاثة وكان لديها اضطراب واضح في النوم، هنا أقول: لا بد أن تذهبوا بها إلى الطبيب النفسي، لأن الحالات الذهانية كما ذكرت لك أيضًا قد تحدث، لكن من مؤشراتها وعلاماتها الرئيسية اضطراب النوم الشديد.
أنا لا أعتقد أنها سوف تدخل في هذه المرحلة -إن شاء الله تعالى– لكني ذكرتُ ذلك بناء ورغبة في إعطاء المعلومة الصحيحة والكاملة.
بارك الله فيكَ وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد